الأربعاء، 7 أبريل 2010

تابع القيم الاسلامية - الاطار النظري


1 – ماهية وحقيقة القيم :
في اللغة .. قيمة : بمعنى قدر الشيء أو قدر ومكانة الفرد.
والشيء القيم : أي الشيء الغالي النفيس.
والإنسان القيم : الشخص المعتد به ذو المكانة والقدر الرفيع.
والفعل قيم الشيء : أي قدره وقيمه وحدد قيمته.
في التربية .. القيمة : مفهوم يتمناه الفرد لاعتقاده بصحته عقلياً ووجدانياً ، وربما إيمانيا (حالة عقلية ونفسية ووجدانية)(
[1]).
- هذا المفهوم له جانبه المعرفي النظري ، وكذلك الجانب المهاري التطبيقي العملي في واقع الفرد.
- يتكون هذا المفهوم من خلال تفاعلات متعددة خاصة بنشأة الفرد وثقافة المجتمع الذي يعيش به والمعتقدات الدينية لهذا المجتمع ، وكذلك الرصيد الخبراتي من تجارب الحياة اليومية.
- هذا المفهوم وغيره من المفاهيم والقيم التي يتمناها الفرد تمثل المصدر الأساسي والمحرك الأول لكل ما يصدر عن الفرد من سلوكيات وأعمال.
- تمثل معايير ومقاييس وأحكاماً للفرد ينظر بها ويقيس كل ما يدور من حوله.
مدلولات القيم في القرآن الكريم :
1. (ذلك الدين القيم) [التوبة / 36]. أي الدين المستقيم في ذاته، والمقوم لأمور الخلق.
2. (يتلو صحفاً مطهرة * فيها كتب قيمة) [البينة / 3]. أي صحفاً ذات قيمة سامية وعالية وموضع اعتبار واهتمام.
3. (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا) [الأنعام / 161]. أي دينا مستقيماً لا عوج فيه له مرجعيته التاريخية العملية المعروفة ومرجعيته الدينية.
4. (وكان بين ذلك قواما) [الفرقان / 67]. أي عماده ومعياره ونظامه ومقياسه.
في الشرع : هي المعتقد والاتجاه والاهتمام والطموح الذي يملأ على الفرد قلبه وعقله، وتمثل المحرك الأساسي لما يصدر عنه من أفكار وأقوال وأعمال.
وهي المنظم الأساسي لطريقة حياته ومن ثم آخرته، ويتحدد مصير الفرد في الآخرة على مقدار ما يعتقد ويعمل به من هذه القيم.
· الآية : (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) أي بقدر ما يحمل من قيم ومفاهيم التقوى من الاستقامة – التحرز من الذنوب والخطايا – الورع – المراقبة – الإحسان – وهكذا.
· ((أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً) الحديث ... أي أكثركم تمسكاً وتمثلاً بالقيم.
· أثقل ما يكون في ميزان العبد يوم القيامة حسن الخلق. (حسن) أي ما يقوم ويعمل به من قيم.
· ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق))، أي القيم كما وكيفاً.
وبذلك فإن منظومة القيم التي يتبناها الفرد والمجتمع هي المكون الأساسي للأيديولوجية المحركة لأفكار وأقوال وأفعال الفرد والمجتمع والأمة، كما أنها المكون الأساسي لشخصية المجتمع والأمة ، والملهم الحقيقي لها ، والقوة الدافعة لها نحو المحافظة على البقاء والتطور.
2 – سمات القيم الإسلامية العربية :
1 – الثبات :
لا تتعرض للنسخ أو التغير بتغير المكان أو الزمان أو الأشخاص.
2 – التوثيق :
نقلاً من القرآن الكريم أو من السنة المطهرة ، تاريخا وعلميا وعمليا.
3 – الشمول (
[2]):
أ - تشمل وتغطي كافة جوانب شخصية الإنسان (العاطفية – الاجتماعية والنفسية – البدنية – العقلية).
ب - تشمل وتغطي شخصية المجتمع والأمة لكافة مجالات حياته (الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية – الثقافية والفنية – التعليمية - ...).
4 – التوازن :
منظومة متوازنة من القيم دون إفراط أو تفريط يحقق الخلل في توازن شخصية الفرد أو المجتمع والأمة.
5 – مواكبة الفطرة الإنسانية :
الله تعالى حكيم خبير عليم بشئون خلقه وما يصلح ويلزم لهم لضمان سعادة الفرد والأسرة والمجتمع، لذلك تجد قيم هذه المنظومة تلبي احتياجاته وتشبعها في تناسق مستمر.
6 – العملية :
سهولة استيعابها واكتسابها والتدرب عليها وكذلك سهولة تطبيقها ، ومن طبيعتها أنها لا تكسب حيويتها وقوتها إلا من انتقال القيمة من حيز الفهم والفكر إلى حيز العمل والتطبيق والتجويد والتطوير.
7 – ارتباطها باليوم الآخر :
فمصادرها جميعاً تنطلق من الإيمان بالله واليوم الآخر مما يمنحها قوة في الاعتقاد والتمسك بها، وقوة دافعة للتمسك والعمل بها.
8 – فاعليتها :
وقوة أثرها على الفرد والمجتمع ؛ حيث أنها المحرك والموجه الأساسي لسلوك الفرد والجماعة ، وامتلاكها لأدوات الفهم والتدريب والتنفيذ الجيد.
9 – ترتيبها أولويات :
في مصادرها وفي تنسيقها وترتيبها ، فهناك المصدر الأول ثم الثاني ثم الثالث وهكذا ، وفي التطبيق هناك الفرض والواجب والمستحب والضروري والتحسيني ، وهكذا.
10 – تطويرية نهضوية :
بطبيعتها تطويرية ، فكلما تمسك الفرد بها كلما ارتقى وتطور ونهض. ولذلك فهناك علاقة ارتباطية بين التمسك والعمل بها وقوة ومكان المجتمع والأمة بين الأمم الأخرى، وتقبل النماذج مع المعتقدات والثقافات الأخرى، والاستفادة من الرصيد الإنساني السابق(
[3]).
3 – أهمية القيم الإسلامية العربية
* بالنسبة للفرد والطالب :
1. هي المصدر الأساسي لما يصدر عنه من مشاعر وأحاسيس وأفكار وطموحات وأمان، ومن ثم أقوال وأفعال، فهي المكون الحقيقي لشخصيته المميزة عن غيره من الناس.
2. هي التي تحدد مكانته وقدره وقيمته في المجتمع الذي يعيش فيه.
3. هي المعيار والإطار المرجعي الذي يحكم وينظم تصرفات الإنسان.
4. هي الأحكام المعيارية التي يستند إليها الفرد في تقييم سلوكه وسلوك الآخرين.
5. سياج وحصن يحمي الأفراد من الانحراف.
6. هي المعيار الذي سيتم تقييمه عليه في الآخرة، ومن ثم تحديد مصيره في الآخرة، إما إلى لجنة عرضها السموات والأرض ، وإما إلى نار قعرها مداه سبعين خريفاً.
* بالنسبة للمجتمع والأمة :
1. تلعب القيم دوراً أساسياً في توجيه ميول وطاقات المجتمعات والأمم، إذ إنها المصدر والموجه والقانون والمعيار والضابط المنظم لأفكار ومشاعر وجهود وطاقات وموارد الأفراد والمجتمعات والأمم. مثال : عندما تأصلت وتجسدت منظومة القيم الإسلامية الحضارية بشكل جيد لدى المجتمع الإسلامي الأول تمكن من صناعة حضارة وأمة جديدة لم تكن موجودة من قبل، وفرضت نفسها على الحضارات الأخرى. حيث ارتقت منظومة القيم الإسلامية بهذا المجتمع العربي البدوي، وسمت بأفكاره وميوله وتوجهاته ومن ثم سلوكه، ومكنته من الاستغلال الأمثل لطاقاته وموارده المتاحة.
2. تدفع القيم الأفراد في المجتمع إلى العمل وتوجه نشاطهم وتعمل على حفظ هذا النشاط موحداً ومتماسكاً وتصونه من التناقض والاضطراب.
3. وقاية المجتمع من الانحرافات والآفات الاجتماعية المرضية.
4. تقي المجتمع من الأنانية المفرطة والنزعات الشهوانية الطائشة.
5. تساعد القيم على التنبؤ بمستقبل المجتمعات.
6. تزود القيم المجتمع بالكيفية التي يتعامل بها مع المجتمعات الإنسانية الأخرى إذ تحدد له أهداف ومبررات وجوده فيسلك أفراده في ضوئها الطريق المناسب فتعطي المجتمع شكله المتميز وتحدد له ما يجب أن يكون عليه والطريق الذي ينبغي على أفراده أن يسلكوه.
7. تستخدم القيم في عملية العلاج النفسي والإرشاد التربوي والمهني.
8. تحفظ للمجتمع استقراره وكيانه بمساعدته على مواجهة التغيرات التي يتعرض لها من خلال تحديد الاختيارات والبدائل الصحيحة التي تسهل على الناس حياتهم.
9. ربط أجزاء ثقافات المجتمع ببعضها حتى تبدو متماسكة ومترابطة.
4 – بعض أنواع القيم الإسلامية العربية
أولاً : قيمة التعاون والجماعية :
* تعريف قيمة التعاون :
هي الميل الوجداني والعقلي والنفسي للطالب للتفاعل والتبادل والتنسيق والتعاون مع زملائه، والعيش معهم بروح الفريق في كافة أنشطته اليومية (مذاكرة ، ترفيه ، أنشطة مدرسية). والأصل هو أن الإنسان كائن اجتماعي ينفتح ويتواصل ويتعاون مع المحيطين به ، والخلل هو أن يعيش الإنسان في عزلة فردية لا يقبل ولا يستطيع التعاون مع الآخرين. وهناك أمثلة شعبية ترمز للتعاون أهمها : (ربع تعاونوا ما ذلّوا). و (كل مشروك مبروك). و (اليد الوحدة ما تصفق).
* أهمية قيمة التعاون في حياة الطالب :
1. تساعده على تنمية مهاراته وخبراته الشخصية.
2. تمنحه الثقة في النفس من خلال القدرة على المشاركة في أعمال كبيرة ناجحة.
3. تنمية استعداد التلميذ للتلقي والنمو والترقي.
4. إشباع حاجاته النفسية والعاطفية من الحب والتقدير، وهو ما يمنحه الاستقرار النفسي والعاطفي. وحفظ الطالب من الزلل والانحراف.
* كيفية التعزيز والتطبيق والفهم والتوعية لقيمة التعاون الجماعية:
م
مراحل بناء القيمة
المهارات والأنشطة والوسائل العملية
1
التوعية :
إثارة انتباه الطالب نحو أهمية التعاون والعيش بروح الفريق، وحاجته الماسة لهذه القيمة الهامة في حياة كل إنسان، وتحفيز دافعيته لامتلاك هذه القيمة.
1- اسأله وحاوره عن عدد زملائه والأنشطة التي يقوم بها، ومدى النجاح فيها من خلال العمل بروح الفريق المدرسي.
2- احك له عددا من القصص المتنوعة التي تبرز له قيمة التعاون، ثم أطلب منه تحديد أهم القيم في القصة ، وما هي أسباب نجاح أصحاب القصة (حفر الخندق، الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وإعداد الطعام، بناء المسجد، الفرق الرياضية).
3- اشرح له العناصر الستة المكونة لقيمة التعاون.
4- استعرض معه أهم النماذج والقدوات لهذه العناصر من التاريخ ومن الواقع، وأبرز الآثار الإيجابية لهذه القيمة ووضح الآثار السلبية ومخاطر العيش بروح الفردية والانعزال.


2 - الفهم :
تكوين فهم صحيح وواضح لدى الطالب حول قيمة التعاون والعمل بروح الفريق مع تعميق هذا الفهم من خلال رصيد وافر من الخبرات العملية.
1- شارك الطلاب في مناقشة حول أسباب نجاح وفشل العديد من الأعمال المتنوعة في مجالات مختلفة من البيئة (رياضية ، أنشطة مدرسية ، أنشطة ثقافية واجتماعية .. إلخ).
2 – تناول كل عنصر من العناصر الستة منفرداً على التوالي بالشرح والتفصيل الدقيق مع تعزيزه بالآيات والأحاديث والقصص العملية.

* دور الأسرة في تعزيز قيمة (التعاون الجماعية) :
· التعاون في الواجبات المنزلية بتوزيع مسئوليات محددة على كل فرد من أفراد الأسرة.
· استعراض قصص متنوعة عن التعاون.
· أن يقوم الأب والأم بتفويض الأبناء في بعض الأعمال الجزئية المنزلية.
· تعريف وتشجيع الأبناء لعمل حصالة الادخار التعاوني – مثال عمل حصالة يشترك فيها كل الأبناء لشراء جهاز كمبيوتر خاص بالأبناء.
· تنمية سلوك الأبناء على البذل والعطاء ومساعدة المحتاجين ، ودعمهم مادياً ونفسياً لهذا الأمر، مثال : تحديد المحتاجين من أبناء الحي ، ويتعاون الأب مع الأبناء في التحضية ببعض أدوات الأبناء والتبرع بها لهؤلاء المحتاجين.
· تنمية المهارات الاجتماعية للأبناء من خلال اصطحابهم في صلاة الجمعة بالمسجد والزيارات العائلية والمناسبات المختلفة.
· عمل مسابقة للأبناء حول أكثر الأبناء تعارفا وتواصلاً مع كل طلاب فصله ، مع تحديد معايير لقياس هذا التعارف والتواصل.
· تدريب الأبناء على احترام الآراء المختلفة وعدم تسفيه الآخر أو رفضه ، وبيان فائدة تنوع الآراء وأهمية الجمع فيما بينها بشكل متعاون للوصول لأفضل الآراء وأنضجها من خلال الأعمال المنزلية المعتادة.
· مشاركة الأبناء في التجمعات العائلية كمجلس العائلة الكبيرة ، الذي ينمي ويعزز روح التعاون والانتماء للعائلة وللجماعية.
· المتابعة الدقيقة من الأب والأم لسلوك الأبناء ورصد المظاهر السلوكية الإيجابية وتعزيزها إيجابياً بالكثير من الثناء، وعدم تفويت السلوكيات الفردية السلبية وتعزيزها سلبياً بالمحاسبة والعقاب المناسب.
ثانياً : الصدق :
* الصدق في اللغة :
هو نقيض الكذب، ومعناه الصالح، والقوة ، والجودة.
قال ابن فارس : الصاد والدال والقاف ، أصل يدل على قوة الشيء قولاً وغيره. من ذلك الصدق: خلاف الكذب، سمي لقوته في نفسه ، ولأن الكذب لا قوة له ، فهو باطل.
* الصدق في الإصلاح :
الصدق بالكسر : هو إخبار عن المخبر به ما هو عليه مع العلم بأنه كذلك. فالصدق: أن يكون الحكم لشيء علة شيء إثباتاً ، أو نفياً مطابقاً لما في نفس الأمر.
وعليه فللصدق إطلاقان : أن تكون أعمالنا وفق أقوالنا، بمعنى أننا إذا وعدنا وفينا، وإذا تعاهدنا على أمر أنفذنا. وأن تكون أقوالنا وفق أفكارنا، بمعنى نخبر بما نتقد أنها الحق الواقع.
* أفضل الصدق وأهميته :
بعد بيان معنى الصدق لغة واصطلاحاً يحسن بنا بيان فضله وأهميته، فللصدق فضائل كثيرة لا يأتي عليها الحصر في مثل هذا المبحث فمنها :
1. أنه مما وصف الله به نفسه، ولا يوصف إلا بصفات الكمال، ومن أصدق من الله قيلا. قال سبحانه : (قل صدق الله فاتبعوا مل إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) [آل عمران :95]. وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ((وأتيناك بالحق وإنا لصادقون)) [الحجر : 64].
2. أنه من صفات الأنبياء والمرسلين ، وسمة من سماتهم، وبه يتميز المخلصون ورواد الإصلاح. قال سبحانه : (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا) [مريم : 41]. وكذلك وصف إسماعيل، وإدريس عليهما السلام. ووصف نبينا بذلك فقال : (والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون) [الزمر : 33].
3. والصدقة صفة الأتقياء الأبرار من المؤمنين والمؤمنات. قال سبحانه : (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) [الحجرات : 15]. وقال سبحانه : (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة) [المائدة : 75].

4. إن الله سبحانه وعد الصادقين بالمغفرة والأجر والفوز العظيم في الآخرة. قال سبحانه : (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) [الأحزاب : 35]. وقال سبحانه : (قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم) [المائدة : 116].
5. أن الله سبحانه يجزي عباده المؤمنين يوم القيامة على الصدق. فقال جل وعلا : (ليجزي الله الصادقين بصدقهم). [الأحزاب : 24].
أما الأحاديث الواردة في فضل الصدق فهي كثيرة متوافرة ، أكتفي بإيراد وسرد أجمعها لفضلها وأهميته.
1. إن الصدق يهدي إلى البر الذي هو الطريق إلى الجنة ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا. وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) (أخرجه مسلم).
2. إن الصدق يفتح أبواب البركة والرزق، ويعين على الخروج من كل ضائقة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (البيعان بالخيار ما لم يتفرق ، فإن صدقا وبينا ، بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) [أخرجه البخاري]. ومن أجل ذلك لم يأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جهداً في حث الناس على التحلي بفضيلة الصدق، وتحذيره من رذيلة الكذب، وترغيبه بالكمال النفسي بالالتزام به في كل حال. فلذلك كان الاستمساك بالصدق في كل شأن وتحريه في كل الأمور دعامة من دعائم الإيمان في حياة المسلم ، وصبغة ثابتة في سلوكه وتصرفاته.
* أهمية الصدق :
· الصدق فضيلة الفضائل وأساسها ، والأصل الذي يتفرع عنه جميع الأخلاق الشريفة ، والصفات الكريمة الحميدة التي يتحلى بها الإنسان.

· إنه ما تمسك به متمسك إلا كان النجاح في أعماله ألصق به من ظله ، وأعلق به من نفسه ، فهو حصن منيع قائم على أساس الرشد ، لا تخرقه تهجمات المعتدين. فيه تكتسب المحامد ، وتحصل راحة النفس.
· بالصدق يميز أهل النفاق من أهل الإيمان .. وسكان الجنان من سكان النيران .. من نطق به علت على الخصوم كلمته.
· الصدق أساس الدين وعمود فسطاط اليقين ودرجته تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين ومن مساكنهم في الجنان تجري العيون والأنهار إلى مساكن الصديقين.
· الصدق ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية وغيرها، لا تستقيم إلا به ، بل يتوقف عليها نظام العالم بأسره. قال الراغب الأصبهاني : (والصدق أحد أركان بقاء العالم، حتى لو توهم مرتفعا لما صح نظامه وبقاؤه، وهو أصل المحمودات، وركن النبوات، ونتيجة التقوى، ولولاه لبطلت أحكام الشرائع).
إن الصدق يزيد الصادق في العالم نباهة ووقارا ، ألا ترى4
· أنه يكون دائماً موضع الثقة، ومحل الأمانة ، مبجلا محترما مهما كانت درجته؟ لأن الصادق يطبع على كمال في الخلق ، فلا يكون خائناً ، ولا مختلساً ، ولا مزوراً ، ولا نماماً ، ولا منافقاً ، ولا مخادعاً ، ولا غشاشا ، ولا متصفا. مما يشينه بين الناس، وعليه فالصدق عز والباطل ذل.
· إن الصدق من أهم الأسس ، بل هو الأساس المتين الذي تشاد عليه المجتمعات، ولولاه ما بقي مجتمع ولا أمة، فالصدق إن ذهب من أمة ، ذهبت معه تلك الأمة ، وتصدع بناؤها ، لذلك قرن الله تعالى4 الأمر بالصدق بالأمر بالتقوى : (يا أ)ها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) [التوبة : 119].
فلقد تحيا الأمة وفيها جبناء رعاديد ، ولقد تبقى الأمة وفيها بخلاء أشحاء ، ولكن شمسها تنحدر إلى المغيب إذا كان فيها الكذابون المفترون.
عن صفوان بن سليم أنه قال : (قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : أيكون المؤمن جبانا؟ قال : نعم : قيل : أفيكون بخيلا ؟ قال : نعم. قيل : أفيكون كذابا ؟ قال : لا).
فنجاح الأمم في أداء رسالتها ، يعود إلى جملة ما يقدمه بنوها من أعمال صادقة، فإن كانت ثروتها من صدق العمل كبيرة ، سبقت سبقا بعيداً، وإلا سقطت في عرض الطريق ، فإن التهريج والخبط ، والإدعاء والهزل لا يغني عن أحد فتيلا).
* أقوال حكيمة في الصدق :
وردت عن الحكماء قديماً وحديثاً أقوال تنوه بشأن الصدق وترفع من قدره. من ذلك (
[4]):
1. قال عمر بن الخطاب رضي اله عنه : لأن يضعني الصدق – وقلما يفعل – أحب إلى من أن يرفعني الكذب – وقلما يفعل.
2. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : قد يبلغ الرجل الصادق بصدقه مالا. يبلغه الكاذب باحتياله.
3. وقال الشجي : عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك ، فإنه ينفعك. واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك.
4. قيل للقمان الحكيم : ما بلغ بك ما ترى ؟ قال : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعنيني.
5. وقال الخليفة عبد الملك بن مروان لمؤدب أولاده : علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن.
* مجالات الصدق :
للصدق مجالات كثيرة ، فالصدق كما يكون في الأقوال كذلك يكون في الأعمال التي تعد مظهراً من مظاهر الإرادة الجازمة ، فإذا كانت الإرادة صادقة فالعمل التابع لها يوصف بوصفها.
وقد ذكر العلماء مجالات الصدق ، فقصرها الغزالي – رحمه الله – على الجانب السلوكي من مجالات الصدق فقال : لفظ الصدق يستعمل في ستة معان : صدق في القول ، وصدق في النية والإرادة ، وصدق في العزم ، وصدق في الوفاء بالعزم ، وصدق في العمل ، وصدق في تحقيق مقامات الدين كلها. ثم فصلها عقب ذلك. وقصرها الرازي على مجال القول والفعل والنية.
أما الإمام ابن القيم فقد قسمها إلى ثلاثة أقسام فقال : هي الصدق في الأقوال ، وفي الأعمال، وفي الأحوال.
فالصدق في الأقوال : استواء اللسان على الأقوال كاستواء السنبلة على ساقها. والصدق في الأعمال : استواء الأفعال على الأمر والمتابعة ، كاستواء الرأس على الجسد. والصدق في الأقوال : استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص واستفراغ الوسع وبذل الطاقة.
والصدق في القول أعلاه كلمة التوحيد.
* الصدق والصراحة :
الصراحة هي صورة قوية من صور الصدق لا تعلق به شائبة الكذب، ويفهم بعض الناس من الصراحة أنها الإفضاء إلى محدثك بكل ما تعلم من غير تأثم ولا تحرج في جميع الأحوال، على الرغم مما قد يكون في ذلك من إيذاء – غير ضروري – لشعوره، أو إيقاعه في هوة القنوط، أو دفعه إلى عمل ضار ، أو إلحاق ضرر بنفسك أو بغيرك. فهناك أحوال ينبغي أن يكون للصراحة فيها اليد العليا – وأحوال يجمل فيها أن تتقنع قليلا – كما سيأتي في مبحث الكذب المباح – من أجل ذلك كان من الصدق الممقوت : الغيبة ، والنميمة ، والسعاية. ولذلك جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدق في هذه المواضع (وهو ذكر الآخرين. مما يكرهون ولو كان صدقا) غيبة مذمومة شرعا ذما شديدا. كما في قوله تعالى : (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه) [الحجرات : 12].
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (هل تدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : ذكرك أخاك. بما يكره. قيل : أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهته).
قيل لفيلسوف : متى يذم الصدق ؟ قال : إذا كان غيبة.
· وأما النميمة : فقد حذر منها ، ونفر منها تنفيرا عظيما ، فقال : (لا يدخل الجنة قتات) قال الأعمش – أحد رواة الحديث : والقتات : النمام. وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من يفعل ذلك يكون من شرار الخلق. فعن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أخبركم بشراركم ؟ قالوا : بلى. المشاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، الباغون للبراء العيب).
وذكر لحذيفة – رضي الله عنه – رجل لا يزال يرفع الحديث إلى السلطان، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنات قتات).
وكان يقول : (ألا أنبئكم بالعضه : هي النميمة ، القالة بين الناس).
· وأما السعاية فإنها من الأخلاق الذميمة التي تدل على ارتكاس في الأخلاق ، لما فيها من الدلالة على اللؤم والنذالة التي لا ينفع مع أصحابه صنيعة ولا يد. وهي السعي لدى السلاطين والأمراء بقصد الإيقاع بين الأحبة والتحريش بينهم.

قال بعض الحكماء : الصدق يزين كل إنسان إلا الساعي ، فإنه أخبث ما يكون إذا صدق، فما ظنك بإنسان يشينه الصدق.
وعن المستور بن شداد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أكل برجل مسلم أكلة، أطعمه الله تعالى بما أكله من نار جهنم ، ومن كسى ثوبا برجل مسلم كساه مثله من نار جهنم، ومن قام برجل مقام كعة ورياء أقامه الله يوم القيامة مقام ورياء).
وقال الفضل بن سهل في ساع سعى إليه : نحن نرى قبول السعاية شرا منها ، لأن السعاية دلالة ، والقبول إجازة، فاتقوا الساعي فإنه إن كان في سعايته صادقا ، كان صدقه اثما ، إذ لم يحفظ الحرمة ، ولم يستر العورة.
ولذلك قيل : كفى بالسعاية ذما أنه يقبح فيها الصدق.
* آفة الصدق :
بعد أن تحدثت عن الصراحة والصدق، يحسن الحديث عما يلحق الصادق بسبب صدقه في غير المواطن الثلاثة السابقة. فمن المعلوم أن لكل فضيلة من الفضائل آفة من الآفات توعر طريقها ، وتبعد منالها إلا على أيدي الصابرين المخلصين، فكذلك للصدق آفة من مصادقة الكاذبين للصادقين. فكثير من الناس يبغض الصادق ، لأنه يصادمه في ميوله وأهوائه، ويحب الكاذب لأنه لا يزال يزين له أمره وما يهواه. وعليه فلا يخلو الصادق من شرور يتعرض لها بسبب صدقه، فحياته – والحالة هذه – معرضة للمتاعب ، لأن الناس يهوون المجاملة والمداهنة، وما المداهنة إلا مظهر لطيف للكذب والرياء. فالصدق في الناس كاسد السوق ، لأن الكذاب عند الكثيرين أقصر الطرق إلى الغايات المرامي! (
[5]).
ومهما يكن من آفات الصدق فهي آفات عارضة ، وفضائل الصدق أوفر وأبقى ، وأما التذرع بالكذب للتملص من شر ما فليس من المبدأ الأخلاقي في شيء ، ومع ذلك فإنه إن أنجى من شر مرة، لكنه يوقع في شر أدهى وأعظم كما قيل :
تزود من الدنيا فإنك شاخص إلى المشتهى واجعل منيتك الصدقا
فكل الفضائل زاد للآخرة ، أما الصدق فهو الراحلة ، والزاد قد يقل ويكثر ، أو يسوء ويحسن ، وأما المطية فلا غنى عن أن تكون في أحسن وإلا قصرت بالمسلم دون الغاية.
* مصدر الصدق ومبعثه :
1 – المعرفة :
أصل الصدق ومبعثه المعرفة ، لأنك لا تصدق إلا من تعلم أنه يراك ويسمعك ، وهو قادر على عقوبتك، وعلمك أنه لا ينجيك منه إلا الصدق له. فالمعرفة أصل الصدق، والصدق أصل لسائر أعمال البر، وعلى قدر قوة الصدق يزداد العبد في أعمال البر. والذي قطع الخلق عن مطالبة الصدق، قلة معرفتهم بقدر الصدق ومنافعه وما يورثه، وضعف إيمانهم ويقينهم. فإذا ضعف اليقين وهن الصدق وقلت الرغبة، فلم يحتمل مؤن الصدق لما غاب عن صاحبه عذوبته: (فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم). فضمن لهم الخير سبحانه إذا صدقوا، ومن الخير: ما يحصل للصادقين من الطمأنينة والراحة، وطهارة القلب من كل دنس، وصفائه من الأكدار.
2 – الديانة :
فالصدق عنوان الإسلام ، وميزان الإيمان ، وأس الدين ، وهو صريح الإخلاص فالمخلص قد استوى ظاهره وباطنه والصادق كذلك. قال سبحانه : (والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون). فالدين هو الذي يبعث على الصدق وينميه ولا يجعله نفعيا. قال الحسن البصري : (لا تستقيم أمانة رجل حتى يستقيم لسانه، ولا يستقيم لسانه حتى يستقيم قلبه).
والمروءة دالة على كرم الأعراق ، باعثة على مكارم الأخلاق ، وأعلاها الصدق، قال الشاعر :
كمال المروءة صدق الحديث وستر القبيح عن الشامتينا
قيل للأحنف بن قيس : ما المروءة ؟ قال : صدق اللسان ، ومواساة الإخوان. وقال : اثنان لا يجتمعان أبداً، الكذب ، والمروءة. ولا ينقاد للمروءة إلا من سهتل عليه المشاق رغبة في الحمد، والداعي إلى استسهال المشاق : علو الهمة ، وشرف النفس. وأصل المروءة: (اجتناب المرء ما يشينه ، واختياره ما يزينه).
4 – العقل :
فالعقل يدعو إلى نبذ القبيح ، وفعل الحسن ، وكل عاقل يدرك حسن الصدق، وقبح القبيح ، قال الأحنف : ما خان شريف ، ولا كذب عاقل ، ولا اغتاب مؤمن.
5 – الفطرة السليمة :
فالنفس مفطورة على حب الصدق ، فالإنسان يميل بفطرته إلى قول الحقيقة وتقريرها، ولا يعدل عن ذلك إلا لعوامل أخرى تؤثر فيه ، وبخاصة في الأطفال كما يقرر ذلك علماء النفس.
ثالثاً : قيمة الإيثار :
* الإيثار في اللغة :
الإيثار في اللغة هو تفضيل الغير على النفس ، أو هو تفضيل شخص على شخص، أو شيء على شيء، يقال : آثرت فلانا على نفسي ، من الإيثار وهو التفضيل. وفي المعجم المحيط: آثره إيثارا: اختاره وفضله ، ويقال : آثره على نفسه ، والشيء بالشيء خصه ، وجعله يتبع أثره.
* وأما في الاصطلاح :
فقد جاء في جامع القرآن للقرطبي : (الإيثار هو تقديم الغير على النفس وحظوظها الدنياوية رغبة في الحظوظ الدينية ، وذلك ينشأ عن توكيد اليقين ، وقوة المحبة، والصبر على المشقة. يقال : آثره بكذا : أي خصه به ، وفضله. وقال ابن قدامة: أن تجود بالمال مع الحاجة إليه). ويكون الإيثار على النفس لا عن غنى بل مع الحاجة إلى الشيء. ومن فعل هذا ، فقد وقي شح نفسه، وأفلح فلاحا لا خسارة بعده) (
[6]). ويؤكد هذا ما ذكره مالك عن عائشة رضي الله عنها: (أن مسكينا سألها وهي صائمة، وليس في بيتها إلا رغيف فقالت لمولاة لها أعطيه إياه، فقالت : ليس لك ما تفطرين عليه. فقالت : أعطيه إياه. قالت : ففعلت. قالت: فلما أمسينا أهدي لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدى لنا، شاة وكفنها. فدعتني عائشة فقالت: كلي من هذا ، فهذا خير من قرصك). وحيث كان الإيثار كذلك، فإنه يعد صفة من الصفات السامية التي تكاد تنقل الإنسان من عالم البشر إلى عالم الملائكة حيث إن النفوس مجبولة على الشح وعلى حب الخير، والحيازة لذاتها فإذا طهرت النفوس من رذيلة الشح وتحولت إلى نفوس معطاءة تجود بأقل القليل مع شدة حاجتها إليه، فإنها عند ذلك تقف على الجانب المضاد من حب الإنسان لنفسه الذي هو فطرة النفوس، والذي قال عنه الحق تبارك وتعالى : (وأحضرت الأنفس الشح).
والإيثار من أجل الصفات الكريمة التي يتحلى بها الإنسان، وهو شعار النفوس الكبيرة الساعية لخدمة الإنسانية، والعاملة لتخفيف ويلات البشرية.
* مظاهر الإيثار :
يظهر الإيثار في مظاهر شتى من سلوك المسلم، فهو حين يلبي داعي الجهاد ويفارق الأهل والزوجة، ناشدا مرضاة الله في طلب الاستشهاد باذلا دمه رخيصا لرد عاديه عن أرض المسلمين ، أو الذود عن أموالهم، وأعراضهم فإنه يطبق معنى جليلا من معاني الإيثار.
إذ هو يجود بأعز ما يملك وهو النفس وفي هذا يقول الشاعر :
يجود بالنفس إن ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود
وهنالك الإيثار ببعض البدن كالتبرع بالأعضاء حال الحياة، كأن يتبرع لأخيه أو صديقه بكليتيه ، أو كلية واحدة.
كذلك يبدو الإيثار في مجال الجود، والكرم بالمال الذي هو صنو الروح ، والذي قرنه الله تعالى مع الولد في أنه زينة الحياة الدنيا، فعندما يبذله المسلم ليقري ضيفا ، ويؤويه ، فإنه بذلك يحقق مجال من مجالات الإيثار.
واجل من ذلك بذل المال في مجالات الإنفاق على الفئات الكسيرة الجناح والمستضعفة في المجتمع: كالأرامل ، والأيتام ، وجميع المعاويز والمحتاجين.
الذين قال الله تعالى فيهم : (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) [الإنسان : 8 – 9].
ومثل ذلك الإنفاق في إنشاء المشاريع النافعة، وإقامة المرافق العامة التي تعتبر ملكا عاما يعم نفعها جميع الناس بلا استثناء.
فالنهوض بهذه الأعباء الاجتماعية لدرء غائلة الجوعه، أو الفقر، أو المرض أو فكاك الأسير إنما يعبر عن إيثار المرء غيره على نفسه، باقتطاع جزء من المال الذي هو صنو الروح ، ليكف دمعة مسكين ويجبر قلبا جريحا ومثل هذه الصنائع يولد في المجتمع المحبة والاحترام، ويطهره من الضغائن والأحقاد. فالإيثار له أكبر الأثر في توثيق المحبة بين أفراد المجتمع إذ يجعلهم متعاطفين متعاونين، وقد ثبت في علم النفس الحديث ، أن سعادة الإنسان لا تتحقق بغير تضحية النفس في سبيل الغير.
* بواعث الإيثار :
للإيثار بواعث كثيرة بعضها نابع من الفطرة الإنسانية كباعث حب المرء لولده، وحبه لأهله وعشيرته، وحبه للأرض التي نشأ عليها، وهذا الباعث يشترك فيه الإنسان والحيوان حيث يشاهد أن بعض الحيوانات تفتدي صغارها بنفسها، وبعض هذه البواعث مرده إلى أمر مصلحي ، وبعضها هو الأعلى والأسمى يرد إلى أمر ديني إطاعة لأمر الله تعالى رسوله.

وهذا لا ينفك عن البواعث سالفة الذكر متوجا بحب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والجهاد في سبيله كما جاء في الآية الجامعة : (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين) [التوبة : 24]. وبالجملة فإن مرد الإيثار بجميع صنوفه إلى الحب، سواء أكان حبا لله وبالله أم كان حبا أبويا أم بنويا ، أم حبا عاطفيا كحال العشاق الذين يكتوون بنار الحب ، فترى أحدهم يقدم مصلحة محبوبه على نفسه ويؤثره على ذاته([1]).
* ما ورد في الكتاب والسنة عن الإيثار :
1. قال تعالى حكاية على لسان إخوة يوسف عليه السلام : (تا الله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين) [يوسف : 91]. والمراد فضلك الله علينا بما آتاك من الملك.
2. وقال سبحانه على لسان سحرة فرعون : (قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا) (طه : 72) ، فقد أعلن السحرة إيمانهم بعد أن ظهر لهم الحق على يدي موسى عليه السلام متحدين بذلك فرعون قائلين : لن نفضلك على ما وضح لنا من الحق لذا نعلن إيماننا غير عابئين بما ستفعله بنا من التقطيع والقتل.
3. وقال تعالى : (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) [الحشر : 9].
4. وقال سبحانه : (فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى) [النازعات : 38]. مبينا سبحانه أن من أقبح تجاوزات الحد أن يفضل الإنسان الحياة العاجلة على الحياة الآخرة، وأن ذلك مما يردي الإنسان في جهنم.
5. وقال عز من قائل : (بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى) [الأعلى:16].
فقد أنكر القرآن على بني البشر تفضيل الحياة الدنيا الفانية ، على الحياة الآخرة الباقية.
وقد وردت أحاديث عن الرسول (ص) تحث على الإيثار إما صراحة وإما ضمنا:
1. روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه : (أن رجلا من الأنصار نزل به ضيف فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه فقال لامرأته : نومي الصبية ، واطفئي السراج، وقربي للضيف ما عندك، فنزل قوله تعالى : (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) [الحشر:9]. وقال الترمذي : حديث حسن.
2. ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستأثر المؤمن على إخوته المؤمنين بشيء لأن من الإيثار أن يشركهم معه في كل أبواب الخير، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة، وقمنا معه، فقال أعرابي : اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي : لقد حجرت واسعا. فلقد أراد الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل المسلم إخوته المسلمين فيما يدعو الله تعالى به ونهى الأعرابي أن يضيق أبواب الخير التي جعلها تعالى واسعة تستوعب جميع مخلوقاته.
3. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال إني مجهود (أصابني الجهد والمشقة) فأرسل إلى بعض نسائه فقالت : والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء ، فأرسل إلى الأخرى، فقالت : مثل ذلك. حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من يضيف هذا هذه الليلة فقال رجل من الأنصار (أبو طلحة) ، أنا يا رسول الله فانطلق إلى رحله فقال لامرأته : أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية قال لامرأته : هل عندك شيء؟ فقالت: إلا قوت صبياني قال : فعلليهم بشيء، وإذا أرادوا العشاء، فنوميهم، وإذا دخل ضيف ، فاطفئي السراج وأريه، أنا نأنكل ، فقعدوا وأكل الضيف، وباتا طاويين، فلما أتى أبو طلحة النبي صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم : قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة.
4. وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه : (أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم ، محتاجا إليها، فخرج وإنها إزاره، فقال فلان: اكسنيها ما أحسنها، فقال : نعم فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس ، ثم رجع فطواها، ثم أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت، لبسها النبي صلى الله عليه وسلم ، محتاجا إليها ثم سألته، وعلمت أنه لا يرد سائلا: فقال : ما سألته والله لألبسها، إنما سألته لتكون كفني قال سهل : فكانت كفنه.
5. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام أولادهم في المدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم قسموه بينهم في إناء واحد بالسوية ، فهم مني وأنا منهم). والمراد بأرملوا فرغ زادهم ، أو قارب الفراغ.
6. وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). وقد وق لفظه عند مسلم بالشك ، لأخيه أو لجاره ، ووقع في البخاري. لأخيه من غير شرك.
7. عن أبي عمر رضي الله عنهما أنه أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة فقال : إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا فبعثه إليهم، فلم يزل يبعث به واحد إلى الآخر حتى تداوله سبعة أبيات حتى رجعت إلى أولئك فنزلت: (ويؤثرون على أنفسهم). انظر منهاج القاصدين.
8. وفي الصحيح أن أبا دجانة رضي الله عنه ترس على النبي صلى الله عليه وسلم بوقعة أحد، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ، يتطلع ليرى القوم. فيقول له أبو طلحة لا تشرف يا رسول الله نحري دون نحرك ووقى بيده يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت يد أبي طلحة رضي الله عنه.
* صور ومواقف من الإيثار :

من أروع صور الإيثار في التاريخ البشري إيثار الأنصار المهاجرين عندما هاجروا إليهم وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم، فقد برز في هذه المؤاخاة كرم الأنصار أريحيتهم، كما برزت فيها عفة المهاجرين وترفعهم عن حطام الدنيا الفاني ولقد صور القرآن الكريم هذا الموقف الإيجابي الصادق بقوله تعالى : (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون).
ولقد أشادت جميع كتب السيرة بتلك المؤاخاة التي تنازل فيها الأنصار لإخوانهم المهاجرين عن بعض ممتلكاتهم ودورهم ، حتى إن البعض عرض على أخيه من المهاجرين أن يتنازل له عن بعض نسائه حتى إذا انتهت عدتها خطبها له وأدى مهرها، ولكن لم يكن المهاجرون من طراز الانتهازيين فقد قابلوا هذا الكرم بالشكر الجزيل والدعاء الوافر إلى الله عز وجل أن يحرسهم، ويحفظ لهم مالهم ويبارك في عيالهم.
وهكذا فقد أصبح المؤمنون في المدينة أولياء بعضهم يحب الواحد أخاه كحبه نفسه، يناصره، ويجاهد من أجله ويؤثره على الأهل والعشيرة والولد.
وفي غزوة اليرموك استشهد : عكرمة بن أبي جهل ، والحارث بن هشام ، وجماعة من بني المغيرة ، وكانوا جميعاً قبل أن يجودوا بأرواحهم يشعرون بعطش شديد فكان أحدهم إذا ما آتاه الساقي بالماء ، وسمع نداء أخيه طالبا الماء رفض الشرب وأمر الساقي أن يقدم أخاه عليه بالشرب. وهكذا فعلوا جميعاً مؤثرين إخوتهم عليهم حتى لقوا الله جميعاً وهم عطاش).
وفي هذا الموقف الرائع يروي حذيفة العدوي رضي الله عنه فيقول : (انطلقت إلى اليرموك أطلب ابن عم لي – ومعي شيء من الماء – وأنا أقول : إن كان به رمق ، سقيته فإذا أنا به ، فقلت له : أسقيك؟ فأشار برأسه : أن نعم فإذا أنا برجل يقول : آه آه. فأشار إلي أن أنطلق إليه، فإذا هو هشام بن العاص، فقلت : أسقيك؟ فأشار أن نعم فسمع آخر يقول : آه فأشار هشام أن انطلق إليه فجئته فإذا هو قد مات، فرجعت إلى هشام، فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمي: فإذا هو قد مات.
وروى البيهقي مناسبة نزول قوله تعالى : (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا). فقال : عن نافع قال : مرض ابن عمر فاشتهى عنبا ، أول ما جاء العنب ، فأرسلت زوجته شخصا اشترى له عنقودا بدرهم، فاتبعه سائل حتى دخل الدار ، فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، ثم أرسلت فاشترت مرة ثانية وجاء سائل آخر، فأخذ العنقود، وثالثة ، وجاء سائل فأخذ العنقود).
وقد ربى الإسلام ضمير المسلم على الإيثار بحيث جعله يجود بنفسه رخيصة في سبيل الله ومن أجل القيام بكل عمل من أعمال البر التي تحقق مرضاة الله تعالى ومن أروع ما يتجلى به الإيثار فريضة الزكاة التي تعد أقوى عامل لتربية ضمير الإنسان على الإيثار إذ هي اقتطاع جزء من مال الإنسان وتقديمه إلى الفقراء ومن هو على شاكلتهم عن طوعية واختيار جبرا لخاطرهم، وتخفيفا لآلامهم وإشعارا لهم بأنهم في مجتمع اسلامي لهم فيه إخوة يعملون جهدهم لمواساتهم ومداواة عللهم وأوجاعهم. ولقد عظم الله تعالى شأن الزكاة لما لها من أثر في تحقيق الإيثار، وإقالة العثار فقال تعالى : (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون).
رابعاً : قيمة التضحية :
* مفهوم التضحية :
هي بذل المال والنفس من أجل رضا الله تعالى وإعلاء كلمته وتحقيق مصالح المسلمين.
* مشروعية التضحية :
حث الإسلام على التضحية في جميع صورها ؛ بالنفس والمال والوقت؛ لما في ذلك من نصرة للدين وتكافل بين المسلمين وتراحم، وصيانة للأموال والأعراض، فحماية الدين والوطن تحتاج إلى التضحية والفداء بالمال والنفس، والتضحية وسيلة الجهاد وطريق العزة والنصر، فالأمة التي لا تضحي لا يمكنها أن تجاهد ، والأمة التي لا تجاهد أعداء الله تعيش ذليلة.
* آثار التضحية :
للتضحية أثار عظيمة في حياة الأمة الإسلامية منها :
· تحقيق رضوان الله والفوز بجنته.
· الإسهام في نشر الإسلام وإعلاء رايته والمحافظة على مصالح المسلمين ، فإذا عرف المسلم أن تضحيته تحمي الأمة وتعلي راية دينه فإنه يقدم عليها بنفس راضية.
· تقوية الأمة الإسلامية وتحقيق تماسكها، فيهابها أعدائها وتصبح قوية البنيان.
· تقوي جوانب الخير في المجتمع المسلم بتقديم الخدمات التي تنفع الناس في الظروف العادية الطارئة.
* مواقف من التضحية :
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أكثر الناس تضحية ، فهو القدوة في كل خير، فقد قام بتبليغ رسالة الإسلام للناس، ولقي في سبيل ذلك العنت والمشقة، وتحمل أذى كفار قريش، ومقاطعتهم له ولمن معه، ولما عرضوا عليه أن يكون ملك وسيد وغني ضحى بكل ذلك، وثبت على دينه ورفض مساومتهم، فأعلنوا الحرب عليه وقاتلوه، فجاهد في سبيل الله جهاد مستمر طوال حياته حتى التحق بالرفيق الأعلى. وقد اقتدى الصحابة بالرسول (صلى الله عليه وسلم) بالتضحية بالنفس والمال.
* التضحية بالنفس :
· تضحية علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – بنفسه عندما بات في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة ليوهم قريش أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما زال في فراشه، وهو يعلم أنها قد عزمت على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم.


· تضحية حنظلة ، فقد ضحى بنفسه عندما خرج للجهاد صبيحة ليلة زفافه، وسقط شهيداً في غزوة أحد.
· تضحية عمرو بن الجموح، وكان أعرج وكبير في السن، وقد أصر على الخروج للجهاد في غزوة أحد رغم ذلك ، وحاول أبنائه منعه من الذهاب للجهاد، لكبر سنه وعرجته، لكنه أصر على المشاركة قائلاً : (والله أني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة) فما زال يقاتل حتى استشهد.
· تضحية أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية، ومشاركتها في غزوة أحد ودفاعها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كانت تحمي الرسول (صلى الله عليه وسلم) حتى أثخنتها الجراح.
التضحية بالمال :
· تضحية أبو بكر الصديق، فقد ضحى بماله في سبيل دعوة الإسلام وتجهيز جيش المسلمين وتحرير الرقيق.
· تضحية عثمان بن عفان – رضي الله عنه – فقد ضحى بماله وجهز ثلث جيش المسلمين في غزوة تبوك.
ولا تنحصر التضحية في بذل النفس والمال في الجهاد في سبيل الله ، بل تتعدد هذه الصور لتشمل مجالات الحياة جميعها. ومن صور التضحية في حياتنا المعاصرة ([2]):
· تضحية رجل الدفاع المدني الذي يضحي بنفسه وجهده من أجل إنقاذ الغريق وإطفاء الحريق ومساعدة الناس في أوقات الكوارث الطبيعية والشدائد.
· تضحية الجندي المرابط على الحدود يحرس البلاد، ويدافع عنها، ويضحي بوقته وراحته ويقدم نفسه فداء لدينه وأمته ، وتضحية رجل الأمن الذي يحفظ للناس أمنهم ويسهر على راحتهم فيوفر لهم أسباب الراحة والاطمئنان.
· تضحية المعلم الذي يربي أبناء الأمة ليصنع منهم قادة الغد ورجال المستقبل.
· تضحية القائمين بالأعمال التطوعية غير المأجورة لتوفير خدمات عظيمة للناس في مجالات متعددة؛ كالرعاية الصحية والإنسانية والتعليمية والخدمة الاجتماعية.
· تضحية الأم بتربية أطفالها وسهرها على راحتهم وتقديم مصالحهم على نفسها.



المراجع

([1]) إبراهيم رمضان الديب : أسس ومهارات بناء القيم التربوية ، ط2 ، الرياض : مؤسسة أم القرى للترجمة والتوزيع 2007م، ص 21.
([2]) عبد اللطيف محمد خليفة : ارتقاء القيم ، ط1 ، الكويت : دار المعرفة ، 1999 م . ص 99.
([3]) مبيض محمد سعيد : أخلاق المسلم وكيف نربي أبنائنا، ط2، سوريا : مكتبة الغزالي، 2000م. ص 124.
([4]) كايد قرعوش : الأخلاق في الإسلام ، ط1 ، الأردن : دار المناهج للنشر والتوزيع ، 2001 ، ص 177.
([5]) كايد قرعوش : الأخلاق في الإسلام ، مرجع سابق ، ص 199.
([6]) عبد الكريم اليماني : فلسفة القيم التربوية ، ط1، الأردن : دار الشروق للنشر والتوزيع، 2009م ، ص 86.
([1]) عبد الكريم اليماني : فلسفة القيم التربوية ، مرجع سابق، ص 209.
([2]) إبراهيم رمضان الديب: أسس ومهارات بناء القيم التربوية ، مرجع سابق ، ص 206.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق